رغم معاناة الحرب.. فتاة سودانية تتحدى التقاليد وتقطع 500 كيلومتر على دراجة هوائية

رغم معاناة الحرب.. فتاة سودانية تتحدى التقاليد وتقطع 500 كيلومتر على دراجة هوائية
السودانية إسلام الصادق

في وقت تتصاعد فيه أزمات النزوح والحرب في السودان، برزت قصة إنسانية ملهمة لفتاة سودانية كسرت الصورة النمطية للمرأة في مجتمع محافظ، وواجهت القيود الاجتماعية بقوة الإصرار وشغف الرياضة. 

إنها إسلام الصادق، الشابة التي اختارت أن تكون الفتاة الوحيدة بين عشرات الدراجين المشاركين في سباق من محلية حلفا إلى دنقلا بالولاية الشمالية، قاطعة مسافة بلغت 500 كيلومتر متحدية الصعاب والنظرة المجتمعية التي لا تزال ترفض ظهور النساء في الفضاء الرياضي العام، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، الخميس.

أثار وصول مجموعة من الدراجين السودانيين إلى وجهتهم الأخيرة ردود فعل واسعة، ليس بسبب المسافة الطويلة التي قطعوها فحسب، بل لأن بينهم فتاة واحدة اختارت أن تكسر حاجز الخوف والعادات.

تقول إسلام الصادق، في حديثها عن التجربة، إنها لم تجد التحدي الحقيقي في طول الطريق، بل في كونها الوحيدة وسط مجموعة من الشباب في مجتمع يرى أن قيادة الفتاة لدراجة أمر مرفوض.

وتضيف: "كانت التجربة مختلفة وجميلة في الوقت نفسه. القرار كان صعبًا، لكنني اتخذته لأثبت أن الفتاة السودانية قادرة على خوض كل المجالات بشجاعة واحترام".

رحلة 500 كيلومتر

خاضت إسلام رحلة امتدت لمسافة 500 كيلومتر من حلفا إلى دنقلا، وهي أطول مسافة قطعتها في مسيرتها الرياضية. وتقول بفخر: "قطع مثل هذه المسافة ليس سهلًا، لا يقدر عليه إلا محترفون لديهم خبرة كبيرة بالدراجات".

وتستعيد ذكرياتها مع السباقات السابقة: "شاركت في سباقات عدة، بينها طواف فرنسا النسخة السودانية وطواف إيطاليا، وأحرزت مراكز متقدمة، كما حصلت على المركز الثاني في أسبوع المرور العربي وكانت تلك أول مشاركة لي".

لم تكن هذه الإنجازات مجرد نجاحات رياضية بالنسبة لها، بل رسائل أمل للفتيات السودانيات في زمن يطغى عليه صوت الحرب واليأس.

من الهواية إلى الشغف

توضح إسلام أنها أحبت الدراجات منذ طفولتها، وكانت تتابع سباقات الدراجات الدولية بشغف، حتى التحقت بـ نادي الدراج السوداني بعد بحث طويل عن بيئة داعمة لهوايتها.

وتضيف: "الدراجة بالنسبة لي ليست مجرد وسيلة تنقل، إنها رمز للحرية والقدرة على المضي قدمًا رغم العقبات".

ورغم الظروف الصعبة التي فرضها النزاع في السودان، لم تتخلَّ عن شغفها.

تقول: "قبل النزوح كنت أعمل وأدرس وأمارس رياضتي المفضلة. وبعد نزوحي واصلت ممارسة قيادة الدراجة، ووجدت من يشاركني هذا الشغف حتى شاركت في سباق حلفا-دنقلا".

الإرادة في زمن الحرب

ترى إسلام أن هذه التجربة كانت غنية ومؤثرة لأنها جاءت في وقت تمر فيه بلادها بظروف مأساوية. وتقول: "النزاع يجب ألا يكون عائقًا أمام تحقيق أحلامنا، بل يمكن أن يكون دافعًا نحو النجاح".

وأضافت أنها وجهت رسالة خاصة للفتيات السودانيات تدعوهن فيها إلى التمسك بأحلامهن وهواياتهن وعدم الاستسلام للقيود الاجتماعية أو السياسية التي تعوق مسيرتهن.

وتصف إسلام الطريق بين حلفا ودنقلا بأنه من أصعب المسارات التي خاضتها، لما يتسم به من وعورة وازدحام بشاحنات كبيرة، فضلاً على الانقطاع في بعض المناطق.

لكنها تقول بفخر: "تجاوزت كل الصعوبات بعزيمة وإصرار. كل لحظة تعب كانت تدفعني أكثر نحو الوصول إلى خط النهاية".

رسالة أمل للمستقبل

تأمل إسلام في مواصلة المشاركة في البطولات داخل السودان وخارجه، وترى أن الرياضة يمكن أن تكون جسرًا للتعافي من آثار الحرب.

وتختم حديثها قائلة: "أتمنى أن يكون ما نعيشه من نزاع دافعًا لنا جميعًا لتحقيق أحلامنا لا عائقًا أمامها. الرياضة منحتني القوة لأواجه واقعي بثقة وأمل".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية